هذه الانفلونزا الخطرة تجوب العالم. وقد اصبحت (وباء) منتشراً ويشكل خطورة على الصحة العامة، فضحاياه بالآلاف، والوفيات بالمئات، وإن كانت قليلة، حتى الآن، غير ان المواجهة له على صعيد الدول والحكومات فرادى ومجتمعة باتت في مرحلة متقدمة.
نحتاج الى العلاج. ولكننا نحتاج الى الثقافة المصاحبة له. فبعض سلوكياتنا تساعد في نشر هذا الوباء، كما ساعدت وتساعد في غيره.
فقد اعتدنا في العالم العربي على سلوكيات اجتماعية في اللقاءات الثنائية والاسرية والعامة او مناسبات الفرح والحزن، والاجتماعات العامة، وكلها تقوم على اساس المصافحة والعناق والاقتراب الشديد، مما يساعد على نشر الأمراض او انتقالها الى الاصحاء ممن هم مرضى، او ممن يحملون فيروسات او جراثيم المرض. بل ان (القُبل) في المناسبات الاجتماعية اصبحت سلوكا عربيا عاما، بين الرجال والرجال، وبين النساء والنساء، وهي (قُبل) اجتماعية (فارغة) من أي مضمون، لكنها ـ فقط ـ تساعد على نقل الامراض والاوبئة. ونحن ـ في أكثر حالاتنا في غنى عنها، لو ادركنا مخاطرها، غير ان المسألة باتت أخطر من ان يسكت المرء على استمرار الظروف الملائمة لزيادة مخاطر المرض، وهذا يجعلنا، مثل غيرنا، ندق ناقوس الخطر.
ها نحن مقبلون على عيد الفطر المبارك،وهو من مناسباتنا الاجتماعية الجميلة، الا نستطيع أن نجعل ذلك كله (أجمل) و(أفضل) إذا وفرّنا على أنفسنا (صرف) القُبل المجانية لبعضنا عند كل لقاء، وبالتالي جنبنا بعضنا بعضا احتمالات انتشار الوباء. ولعلنا لا ننسى موسم العمرة، ثم الحج (القادم) وما يحمله هذا التجمع الانساني الديني الكبير من مخاطر.
ذلك كله يجعلنا نطالب بـ (عيد بلا قُبل) او عمرة (بلا قُبل) او حج (بلا قبل!) وعلى الأقل لعلنا نأخذ حذرنا ونساهم في الحد من انتشار الوباء.
لسنا مع تعطيل الدراسة العامة او الجامعية لأننا يمكن ان نفعل ذلك الى الابد والوباء المنتشر في حاجة الى علاج، والجلوس في البيوت لا يمكن ان يحل المشكلة، والامتناع عن اداء الواجبات الدينية او الاجتماعية لا يمكن ان يدوم الى الابد، ولهذا فإن الحماية من مخاطر هذا الوباء تكون في الانتباه لما يصدر عن الجهات الصحية، والحذر في التعامل مع المصابين وتوخي اجراءات السلامة العامة والنظافة العامة في البيوت والمؤسسات والشركات وأماكن التجمع البشري.
تلك بعض معالم طريق الوقاية، وعلى من ابتلي بهذا المرض الوبائي ان يكون حازماً مع نفسه رحيما بغيره، وان يعزل نفسه عن المحيطين الى ان يُسهّل له الله، سبيل الخلاص من مرضه. فهل نرفع شعارا قابلا للتطبيق يقول: مناسبات اجتماعية بلا قُبل